الخميس، 8 سبتمبر 2011

ماذا تعنى كلمة ( نوبه ) ؟


نبتة Nabta
كلمة (نوبه) تعني في اللغة المصريه القديمة (بلاد الذهب). النوبة منطقة رعوية منذ 16000 سنة حيث كانت تسقط بها الأمطار الصيفية وكانت تحيا فيها مختلف الحيوانات البرية قبل ان يتغير المناخ. وتوجد دلائل على رعي الماشية فيها منذ 4899 سنة. بعد تغير المناخ نحو الجفاف تحولت المنطقة الى صحراء واصبحت بعض الاثار القديمة مكشوفة ومنها دوائر مصنوعة من احجار . كانت المنطقة يسكنها قبائل رحل المجتمعات السكانبة الثابتة التي عُثر غليها كانت على الاغلب بداية نحو التحضر ولم تكن ثابتة بالمعنى العام، حيث نرى قرية مؤلفة من 18 بيت كانت تستخرج حاجتها من الماء من 18 بئر تحت سطح بلاطات بناء ميجوليثي كبير عبارة عن تمثال يشبه بقرة نحت من صخرة كبيرة . هذه القرية بها مدافن كثيرة للمواشي حيث عثر علي هياكلها العظمية في غرف من الطين، ولكن ليس فيها مدافن للبشر . هذا يرجح ان السكان كانوا يعبدون البقر وانهم من البدو الرحل والقرية عبارة عن مركز مؤقت ياتون اليه في فصل الكلأ للرعي والتجارة وإقامة الطقوس الدينية. وعثر في القرية على مواقد كانت تستعمل للطبخ والتفئة كما عثر على عظام غزلان وأرانب برية وشقف فخار وقشر بيض نعام مزخرف .

747ق م - 200 ق م ) :بحلول العام 900 ق م كانت المملكة المصرية القديمة قد تفككت إلى ممالك صغيرة وضعفت شوكتها ففقدت سيطرتها على المناطق النوبية التي دخلت عصرا مظلما لا يعرف عنه حاليا إلا القليل . بدأت بعد ذلك في منطقة نبتة بالنوبة العليا بوادر حضارة جديدة تمثلت في قيام مملكة وليدة عرفت فيما بعد بمملكة " كوش " وكانت عاصمتها كرمه و نتيجة للزحف الصحراوي انتقلت العاصمه إلى الجنوب الى نبته


التأسيس
تأسست مملكة نبتة على يد الملك النوبي كاشتا، حيث استغل فرصة ضعف الدولة المصرية ونجح في استرداد عرش بلاده وأقام دولة نوبية عاصمتها في مدينة نبتة بالقرب من الشلال الرابع . ظهرت الدولة الجديدة في المنطقة كقوة لا يستهان بها . والى الجنوب كانت تجاور هذه المملكة مملكة مروي النوبية ، والى الشمال كانت الإمبراطورية المصرية الممزقة نتيجة الصراعات الداخلية .

خلف "كاشتا" على العرش ابنه بيا الذي كان يطلق عليه عانخي. تمكن من توحيد قطري وادي النيل بعد أن استنجد به المصريون لحماية طيبة في الجنوب من خطر الملك الشمالي تفنخت . توافق طلب المصريين مع نيات بيا (بياتشي) حيث قال " سأجعل المصريين كلهم يتذوقون محبتي". وارسل جيشه ليوحد وادي النيل للمرة الأولى في التاريخ تحت ادارته. تولى ابنه شبتاكا العرش بعده عرش نبتة وتصدى للزحف الآشوري عندما أرسل جيوشه للشام لمساندة حكام سوريا وفلسطين الذين استنجدوا به ، إلا أنه هزم وعاد إلى مصر .

خلف نيا أخوه الأصغر وشهدت المملكة إستقرارا بسبب إنشغال الآشوريين بحروبهم الداخلية ، فوجد الفرصة لتوجيه جهوده لبناء وتعمير البلاد . لكن الآشوريين هاجموا شمال مصر فانسحب لطيبة تاركا الشمال للآشوريين . وظل بطيبة حتي وفاته عام 663 ق.م. واستطاع خلفه ابن أخيه تاهوت أماني إستعادة الأراضي المصرية لمملكة نبتة . ، إلا أن الملك الآشوري اشور بن بعل سرعان ما تمكن من استعادة منف ثم توغل جنوبا نحو طيبة التي انسحب منها تاهوت إلى كوش وظل بها حتى توفي في عام 653 ق.م . وبانسحابه كآخر ملوك الأسرة 25من مصر ينتهي حكم النوبة لمصر ، والذي استمر لمدة85 – 100سنة .

واستمرت مملكة نبتة في ازدهارها في الجنوب بعد انسحاب آخر ملوكها من مصر ، وكانت تسير علي النهج المصري حيث كان آمون معبود الدولة الرسمي كما اتخذ ملوكها الألقاب الفرعونية وشيدوا مقابرهم علي الطريقة المصرية وزينوها بالرسوم المصرية والنقوش الهيروغليفية . وبدأت حدودها الشمالية تتعرض للاعتداءات المصرية المتكررة ، مما حدا بملوك نبتة إلى تحويل العاصمة من نبتة لمروي في الجنوب بعيدا عن الخطر المصري . لكن انتهت المحاولات المصرية المتكررة باحتلال الأجزاء الشمالية من النوبة حتى الشلال الثاني في عهد الملك المصري بساماتيك الثاني . وضعفت مروي وتفككت نتيجة لكارثة بيئية ناتجة عن النفايات الصناعية من مناجم الحديد ، وأخيرا جاءها عيزانا وهي في أقصى حالات الضعف فدمر ما تبقى منها عام 350 م مملكة نبتة 760( ق م - 653 ق م).

الاستقلال
لاشك ان الوجود المصري الطويل في النوبة قد علم النوبيين الثقافة وطرق الادارة والدين المصريين، وتدل الدلائل على ان الكثير من ملوك مصر قد تزوجوا من نبوبيين إذ ان الملامح الافريقية واضحة وجوه الكثير من الفراعنة المصريين. (في هذا الشأن راجع موضوع الفراعنة السود) . ، وليس بغريبا ان تقوم النوبة بإنشاء دولتها الخاصة عند ضعف الدولة المركزية، إذ كانت العادة ان المناطق تعاود إقامة دولها المحلية عند تفسخ الدولة المركزية، وهذا بالذات ماحدث في النوبة.

نجح "كشتـا " الأول في إقامة دولته المستقلة في كوش ، و جعل " نبتـه " الواقعة أسفل الشلال الرابع عاصمة لبلاده . وتمكن "ابن كشتـا وخلفه " الملك بعانخي " من إجتياح بقية اجزاء مصر وتوحيدها عام 725 ق. م ،وأسس دولة إمتدت من البحر المتوسط حتي مشارف الحبشة . وهكذا صارت كوش قوة تاريخية كبيرة كانت مجهولة من المؤرخين حتى فترة قريبة. وعلى الرغم ذلك تمكن الأشوريون من غزو مصر وأجبروا كوش علي التراجع إلي منطقته الاصلية في النوبة، لربما بفضل تفوقهم في سلاحهم الحديدي . هذا وقد حكم الكوشيون مصر لمدة ثمانين عامـاً .

التشبة بالمملكة المصرية
وقد سارت المملكة علي النهج المصري في كل مظاهر الحياة والحضارة ، فقد كان "آمون " معبود الدولة الرسمي ، وإتخذ ملوكها الألقاب الفرعونية ، وشيدوا مقابرهم علي الطريقة المصرية وزينوها بالرسوم المصرية والنقوش الهيروغلوفية . ثم يأتي القرن السادس قبل الميلاد فتنقل كوش عاصمتها إلي مروي من نبتـة ، وفي مروي نجد الأهرام الملوكية ، كما نري المعابد ومنها " معبد الشمس " ، الذي تسامع به الناس في كل ركن من أركان العالم المعروف . وتُرى في مروي أكوامـاً عالية هي أثار فضلات الحمم التي كانت تخرج من أفران صهر الحديد . وصارت مروي عاصمة جديدة لكوش خمسة قرون قبل ميلاد المسيح عليه السلام وثلاثة بعد ميلاده ، وهي تنشر النور حولهـا من عقائد وأفكار وقدرات فنية . وكانت كوش أكثر الحضارات التي نشأت في أفريقيـا تميزاً بطابعها الأفريقي . ولكنها إستفادت كثيراً من مظاهر الحياة من حولها . وشواهد هذا بيّنة في معابد النقعة ، فعلى الجدار الخلفي من معبد الأسد نقش الأقدمون أسد اً إلهـاً له أربعة أزرع ، وثلاثة رؤوس ، ويظن العلماء أن هذا النوع من الفن تسرب إلي هذه البلاد من الهند . وعلي مسافة قريبة من هذا المعبد يقوم بناء يظهر فيه التأثير الروماني ، إضافة إلي ذلك هنالك أثاراً كثيرة تبين أن حضارة كوش كانت غربلة أفريقية للأراء والأساليب والمعتقدات ، تأخذ منها مـا ينفعها وتضيف إليها مـا إبتدعته .



الاثار
وتُوجد في قبور كوش الملكية والشعبية معابدُُ تاريخيةً تمتد لألف عام ، يأتي بعدها الخطر من جنوب الجزيرة العربية ، عندمـا هاجر قوم من هناك إلي داخل الحبشة ، وأنشأوا دولة أكسوم التي قويت وإستطاعت أن تحول بين كوش وشرق القارة الأفريقية والمحيط . وبالتدريج تمكنت هذه الدولة من قـهر كوش عندمـا قام " عيزانا " أول ملك مسيحي لها بـغزو كوش وتحطيم عاصمتها مروى عام 350 م وبعد عصر مملكة مروى( 350 ق م- 0 ) مرت علي السودان فترة غامضة لا يُعرف عن أخبارها الأ النذر اليسير ، فقد جاء البلاد قوم لم يكتشف الأثريون بعد إلي آى جنس ينتمون ويسميهم علماء الأثـار " المجموعة الحضارية " . ويمتد عصرهم من سقوط مروي في القرن الرابع الميلادي إلي القرن السادس ، ومن أثارهم المقابر التي وُجدت في أماكن كثيرة في شمال السودان . فلقد قامت علي أنقاض مروي ثلاثة ممالك نوبية . فكانت في الشمال مملكة "نوباطيا" التي تمتد من الشلال الأول إلي الشلال الثالث وعاصمتها " فرس" . ويليها جنوبـاً مملكة المغرة التي تنتهي حدودها الجنوبية عند "الابواب " التي تقع بالقرب من كبوشية جنوب مروي القديمة ، وهذه المملكة عاصمتها " دنقلة العجوز " ، ثم مملكة علوة وعاصمتها " سوبا " التي تقع بالقرب من الخرطوم . إتحدت مملكتا النوباطيين والمغرة فيما بين عامي 650- 710 م وصارتا مملكة واحدة ، ومكًن إتحادهما من قيام مقاومة قوية ضد غارات العرب من ناحية ، وإنهاء الصراع السياسي الديني من ناحية أُخري ، مما ساعد علي التطور الثقافي .

وصلت النوبة الى أوج قوتها في القرن العاشر الميلادي وكان ملك النوبة المدافع الأول عن بطريق الإسكندرية . ولما إعتلي عرش النوبة ملك يُدعي " داود " عام 1272 م قام النوبيون بهجومٍ علي " عيذاب " المدينة المصرية علي ساحل البحر الأحمر . وكان هذا أخر عمل عسكري لدولة النوبة . حيث دخلت مملكة النوبة في عهد المؤامرات وإستمر الحال هكذا إلي أن إنهزم " كودنيس " عام 1323 م أخر ملك علي مملكة دنقلا المسيحية (710 م - 1317 م) ، وإنتهت الدولة المسيحية ، وصارت البلاد مفتوحة أمام العرب وإنتشر الإسلام بالسودان في القرن السابع الميلادي (اتفاقية البقط بين عبد الله بن أبى السرح والنوبة 31 هـ). أمـا مملكة علوة فلا توجد معلومات تاريخية عنها .وسقطت هذه المملكة عام 1504 م علي يد سلطنة الفونج مع حلف القواسمه . وكان محمد علي قد أرسل الجيوش للسودان، وأسقط مملكة الفونج عام 1821م


دوائر الحجر (The stone circles) 
دوائر الحجر لها علاقة بعلم الفلك، إذ نجد أن قدماء المصريين قد أقاموا أقدم مرصد في العالم وذلك قبل عصر بناء الأهرامات بفترة زمنية وذلك من اجل حساب الوقت حسب الشمس والنجوم حيث أقاموا الشواهد الحجرية ميجوليثات (مادة) . وهي عبارة عن دائرة من الحجر أقيمت منذ 7000 سنة قي جنوب الصحراء الغربية بمصر .قبل مواقع الميجوليثات(مادة) بإنجلترا وبريتاني وأوربا بألف سنة مثل موقع ستونهنج(مادة) الشهيرة. وقد أكتشف موقع نبتة (مادة) منذ عدة سنوات. وهو عبارة عن دائرة حجرية صغيرة، وبه عظام ماشية وخمس خطوط من الحجارة المائلة والبلاطات الحجربة التي كشف عنها مائلة علي بعد ميل من الموقع وبعضها بإرتفاع 9 قدم. وكل بلاطة مدفونة بالتربة وهي فوق صخرة منبسطة. وهذا الموقع يتجه للجهات الأصلية الأربعة ويحدد الإعتدال الشمسي. وبالموقع دائرة حجرية صغيرة بها عظام الماشية وخمسة خطوط من مبجوليثات مائلة.

وكان هذا الموقع قد بني علي شاطيء بحيرة المتجمع بها ماء المطر بالصيف وقتها. حيث دانت قطعان المواشي تنهال لنبتة في العصر الحجري الحديث منذ 10 آلاف سنة. وكان البدو الرعاة يفدون إليها كل موسم أمطار حتي منذ 4800سنة حيث إنحسرن الرياح الموسمية باتجاه جنوب غرب لتصبح المنطقة جرداء وكانت هذه الدائرة الصغيرة قطرها 12 قدم تضم أربعة مجموعات من البلاطات القائمة حيث يمكن رؤية الأفق. وكانت مجموعتان تتجها ناحية الشمال والجنوب والمجموعتان الأخريتان تتجهان ناحية أفق الإعتدال الشمسي الصيفي (أنظر: ستونهنج). ومن الميجليثات معبد أبو سمبل (Abu simbul). موقع أثري يوجد ببطن الجبل جنوبي أسوان. ويتكون من معبدين كبيرين نحتا في الصخر. وقد بناه الملك رمسيس الثاني عام 1250 ق.م. وواجهة المعبد تتكون من أربعة تماثيل كبيرة. تمثل الملك بارتفاع 60 قدما وباب يفضي الي حجرات طولها 180قدما. وقد أنقذت هذه الآثار من الغرق لبناء السد العالي. وقد تم رفعها عام 1965.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق